التقارب الأردني مع حماس ضرورة وطنية

الصورة

بعد أن حطت المقاومة الوطنية الفلسطينية أثقالها، وذراعها الأساسي حماس وفصائل المقاومة الأخرى، واستراحت استراحة المحارب ، جاء وقت جني الثمار السياسية للنصر الذي تحقق .

ولكون الأردن أول الجغرافيا والديمغرافيا المتأثرة بالارتدادات السياسية والاجتماعية والإنسانية لما يحدث في فلسطين تاهت البوصلة السياسية عن التعامل الحازم والسريع مع الحدث الذي فرض نفسه وبما يستحق من اهتمام .

كان هناك اتصالا من مدير المخابرات مع هنية ولم يتبع ذلك شيئا يذكر في التقدم نحو الاستفادة من الحدث ،ولكن على الجانب الانساني لا أحد ينكر الدور الأردني في إقامة المستشفى الميداني في غزة والذي أصبح عمره أكثر من اثني عشر عاماً، وكذلك الأوامر الملكية المباشرة في رعاية بعض المصابين، وهذا ليس بالشيء الجديد على النظام السياسي الأردني وعلى الشعب الأردني الأصيل، والرئة النظيفة التي يمثلها الأردن لأهلنا في الداخل.

أما الجانب السياسي فما زلنا نراوح مكاننا ننتظر تكليفاً معيناً ،ولكنه ذهب هذه المرة للشقيقة مصر والأولى أن يكون للأردن و نظامه السياسي وبسبب علاقته التاريخية سواء السياسية أو الاجتماعية أو وصايتنا على الأماكن المقدسة، التي كانت المستهدف الأول بحرب الكيان الصهيوني .

لقد انتصرت المقاومة نصرة للأقصى، ونحن بقينا على موقفنا السياسي الضبابي وظلت التصريحات القديمة تتردد من البعض والتي حفظناها عن ظهر قلب والتي تحوم حول الحمى ولا تدخل فيه .

لقد فاتنا الشيء الكثير، وسيفوتنا ما هو أكثر إذا لم نلتقط الفرصة ونتقارب من حماس، التقارب الذي لا يعد جريمة ولا يخرج من الملة السياسية، إذ أن البعض يتحفظ على علاقه حماس بإيران، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه من الذي دفع بحماس باتجاه إيران؟ الجواب بلا شك، فقدان حماس للحضن العربي الدافىء غير المتأمر على القضية ،الأمر الذي دفعها لهذا الطريق، فوجدت ايران ضالتها باللعب على هذا التناقض بين اللاعبين السياسيين على الساحة واستغلت عاطفه الشعوب لتسجل موقفاً ممن لم يكن معها .

أما الاردن الذي تُمارس عليه أشد أنواع الضغوط من بعض الأنظمة العربية وأصحاب المشروع

(الصهيوي أمريكي) فهو بلا شك في موقف لا يحسد عليه ،وهنا أذكر العقل الجمعي للدولة بأن الشعب الأردني عندما قال كلمته ورفض أن يكون في تحالف حفر الباطن استلهم النظام السياسي وبذكاء ورجولة وبمساعدة رجال دولة مخلصين الموقف، وتحمل الشعب الاردني سنوات عجاف، إلا أنه تحملها عندما علم بأن الثمن كرامة الوطن وكرامة المواطن وكرامة النظام السياسي.

وبالحسابات السياسية وبنظر القوى الفاعلة كان النظام السياسي في العراق أخطر من حماس على المنطقة وما أشبه اليوم بالأمس فنحن أمام استحقاق وطني وسياسي شريف؛ يتطلب أن نمارس تفكيراً سياسياً حراً لا تابعاً نحدد خياراتنا الوطنية فيه ، وبلا شك لن يكون تفكرينا إلا باتجاه دعم المقاومة التي هي الآن ليست بحاجة ممن لا يرحب بها،إلا بالقدر الذي تتوافق فيه مصلحتنا مع مصلحتهم.

فحماس والفصائل الأخرى لا يوجد لها مكاتب تمثيل سياسي ، ولكن لها تمثيل وجداني في ضمائر كل الشرفاء لم تستخدمه في اللعب بأمن الدول الحاضنة لهذا التمثيل الوجداني، والتي هي قادرة عليه بلا شك ولكنها لم ولن تستخدمه اطلاقاً.

نقولها وبكل أمانه بأنه لا خطر على أي نظام سياسي عربي من المقاومة الفلسطينية ، لأن الشعب الفلسطيني حدد خياراته وطمأن الجميع ،لو هدمت "إسرائيل" وحلفائها كل بيوت الفلسطينيين واستأجرت معتقلات لهم، إذا لم تسع معتقلاتهم، لن يكرر خطأ النزوح والتهجير، فما علينا - وهذه مصلحة لنا- إلا دعم صمود الشعب الفلسطيني بناء على خياره الوطني والذي يصب في مصلحتنا جميعاً.

نحن بحاجه ماسة ولأكثر من أي وقت مضى لرجال دولة يعيدوا أولوياتنا السياسية بشكل أفضل مما هي عليه وإلا فالخسارة كبيرة ،والشعوب لا تنتظر أكثر فإما أن يكون الخيار بناء على نبض الشارع الحي والكريم وإلا سيكون الخيار الأصعب في اختيار الخندق الآخر هو الخيار.

حمى الله الأردن وقيادته العربية الهاشمية من أخطاء رجالاته فأما اعداؤه فالشعب قادر على مواجهتهم بإذن الله

دلالات
00:00:00